جثثٌ ملقاةٌ في كل أنحاء المكان..الشمس محمرةً كانت..وكأنها غضبت على من فعل بهم كذلك..ودت لو أنها تسقط عليه دماً أحمر..يلقي به هو الآخر...كل أدوات الحرب كانت بجانب تلك الجثث ...رأيت ذلك في جولتي المخيفة بين تلك الأجساد التي انبثقت منها روحها ونُقِلَت إلى بارئها...أول نظرةٍ من عيني وقعت على ذلك الجندي الذي انشقت سترته مئة مرةٍ,حتى بانت كل رقع الرصاص في جسده إلا أن الشجاعة بانت عليه..وجدت وسط صدره صليباً مازال..إلى الأمام منه في الجهة اليسرى كانت تلك الجثة التي وكأنها تخبرني بأنها كانت صاحبة قائد المعركة التي احتدم القتال فيها,حتى اسود الليل وصار نقعاً,كانت هناك ربطة حمراء ملفوفةٌ حول عضده الأيمن..وعلمت من ملامح جبينه أنه كان مكثراً للصلاة,إلا أن نظري امتد إلى آخر المكان حتى أرى الذي أراه, ذهبت وفي طريقي إلى هناك وجدت جندياً آخر يلبس خوذةً..لكن لحظة ..فقد وجدت صورة اقْتُطِعَ جزءٌ منها رأيتها و رقّ قلبي على من فيها ,يبدو أنهم مازالوا ينتظرون عودته, لكنه ..لن يرجع,بان على وجوههم السعادة والمحبة ..ولكن اخترقتهما تلك الرصاصة الحمقاء,لكني مازلت مكتفَ اليدين لا أجرؤ على فكها ,أكملت طريقي إلى آخر المكان مجدداً,حتى وصلت إلى أجسادٍ ارتمت فوق بعضها, كل منها قطعت إلى أشلاء أثناء القتال, فاقشعر فكري وقلبي عما أرى,وبعد هنيهةٍ من الزمن ومازالت نظراتي تحملق في المكان تائهةً بين تلك الجثث والأجساد الموجودة,رأيت ورقة بيضاءَ مالت إلى السواد,مسكتها..فتحتها..وقرأت مايلي:
(
بســـــــم الـلــــــه الرحـــمن الرحـــيم:
"ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً بل أحياءٌ عند ربهم يرزقون" صدق الله العظيم..
لَمَا وُجِدْنا هنا ولما حاربنا في هذه المعركة لولا تلك الكلمة التي راقت الحروف أن تتواجد فيها ,إلا من أجل ... فلـسـطين ....
يروح كل يومٍ عشراتُ الشهداء...وتنزف دماءُ مئات الجرحى...وتلف الأغلال أيدي الكثيرين,فكل هؤلاء فداءً لله وللوطن وهذه وصيتنا,فمن يقرأها نستأمنه على أزواجنا وأسرنا ونستأمنه على أمنا الكبيرة العظيمة... فلـسـطين ,والله كاتبٌ قدَرَ كل واحد منا وما نحن به إلا بمؤمنين, فسلامٌ من المولى عليكم أيها الشعب الـ فلـسـطيني من رجل وامرأة وشاب وعجوز وصغير وكبير..فهذا سلامنا طاب ما يحمله..والســـلام عليكم ورحمة الله وبركاته...)
فنظرت إلى المكان مرةً أخيرة,ودعت من فيه ودعوت لهم الله طلباً للمغفرة والرحمة,وسألته أن يجعلنا ممن نال الشهادة في سبيله والوطن,كمن ضحى بعمره وروحه من أجلهما....وما زالت عيناي تقطر دمعاً وأمل..
سآرَة طآهـرْ لوْلوْ