الاثنين، 11 يونيو 2012

رقعـــة بنطال..

لم تقع عيناه أولاً حين أيقظته أختُه الصغيرة عندما كانت تحضرها أمُها للمدرسة إلا على رقعة بنطالِه المتعرجة التي ما انفكت تطول وتكبر كل يوم, بعدها لمح لمحت سريعةً بناظريه إلى ما ومَن في الغرفة,فرُسِمَتْ هذه اللوحة:
الأب : يحرك رجليه على ماكنة الخياطة التي ورثها عن جد أبيه الذي كان خياطاً,ليخيط بها أقمشةً لثيابٍ بسيطة يعتاش من بيعها في السوق الشعبي..
الأم : تمشط شعر ابنتها الذهبيَ المنسدلَ على ظهرها بمشطٍ اشترته بثمنٍ بخسٍ أتت به من راتبها الذي تحصل عليه من سيدتها التي تعمل عندها..تحاول أن تشعر أبناءها أن الحياة جميلة وأن الفقر لم يقتلهم بعد...
الأخ الأكبر : يحدق في كتابٍ هَرِمَ من كثرة تقليب صفحاته,يود لو أنه يصبح كبقية الشباب اللذين تعلموا وعملوا ونجحوا في حياتهم..


الأخت : تضع يدها اليسرى على خدها وتسندها على شرفة نافذة الغرفة الزرقاء,تتأمل في تلك الحياة التي تسير على ماهي عليه كل يوم,حتى أنها حفظت كل المشاهد التي تمثل في الخارج..



فضَّل أن يُرْجِعَ بطانيته التي أزال جزءًا منها في المرة الأولى,وغطى بها وجهه البريء وعلم أنه بذل 
جهداً عندما أزالها, فقرر أن يغط ثانية في نومه,ويستمر في رحلته الخيالية..في حلمه,الذي حمد اللهَ أن أنعم به عليه لأنه يتجول بين حكاويه ويَنْعم في رؤيته ...بلا مقابل..


                     سآرَة طآهـرْ لوْلوْ                    

هناك 10 تعليقات:

  1. جداً مؤلمه :( ..
    مجسده لواقعنا المرير يا ساره
    دُمتِ مبدعه ♥

    ردحذف
    الردود
    1. لم أقصد أن أؤلم أحد لكن هذا الواقع وبالوقت نفسه أحاول أن أضفي نوعا من الأمل والتفاؤل
      :)

      حذف
  2. جميل جدا يا سارة .. :)

    ردحذف
  3. كتابةٌ رائِعَةٌ؛ لكن ما بدا لي أن من يكتب وتطبع أصابعه هذه الكلمات هو طفلٌ صغير لم يجسد روح الألم والمعاناة بكامل صورته الحقيقية.
    فكُلُّ ما ذكر إنما هو عبارة عن آلام نحن نصنعها، والسعادة موجودةٌ بواقعة وبحلمه معا فالحلم يصنع الواقع ويبعث فيه الأمل والواقع يتغنى بالحلم ويعزز به الثقة.
    الألم الحقيقي يا كاتب الحروف الجميلات الفائتات هو الشعور بأنك خرجت من القائمة البيضاء للحياة بأن تكون بلا قيمة لا تقدم ولا تؤخر وأن تكون كالعالة يتكفف الناس من شدة بؤس حاله وإستحالته إلى وحش من الحقراء يغتال أمن الناس.
    فالفقر عدو ولكنه ليس بألم، بل يكون شعورا أجمل عندما يتخيل الفقير بأنه إن شكر على هذا فله مثل أجر الغني أضعافا وأضعاف بل جبال من المضاعفات فمن يشكر على موجود ليس كمن يشكر على ما يتمنى أن يعطى وفي هذا قمة الحمد والثناء لله.
    تمنياتي بالتوفيق وأن تصبحي في يوم من الأيام كاتبةً يفخر بها من ربت من عِظَامِ الرجالِ.
    مودتي

    ردحذف
  4. لربما صدقت في قولك أني لم أعش المعاناة بكامل صورتها..ولكني أعيش واقعاً لن أصفه بشيء..لأنك تعلم ماقصدي..ولكن عندما كتبت هذا النص فقد جسدت حال بعضهم الذين ذكرت عنهم مايكفي..فأنا لا أقصد بالتحديد تلك الفئة من الناس التي تحدت الفقر والمعاناة..و قصدت أيضا تلك الحياة التي يغلب عليها الفقر...
    عندما ذكرت بحال الأخ الكبير يمكن أن تطبق ما قلته عليه..لأن بإمكانه العمل ولكني ذكرت في نفس الوقت ذلك الأب الذي يعمل والأم التي لم تتخذ الفقر (شماعةً) لكي تعلق عليها حالهم..
    على العموم أنا أحب التفاؤل ولكن بنفس الوقت لا أنكر الواقع الذي نعتاشه..
    أشكرك على رأيك ..وكل احترامي له...
    وأتمنى أن أصبح ممن تتوسم فيهم القدرة والإبداع بإذن الله..
    شكرا مرة أخرى...تحياتي...

    ردحذف
  5. سارة,
    ما قرأته جميل ومؤثر ف بكلمات بسيطة شرحتى واقع الكثييير من الأسر
    بالتوفيق ,, <3 <3

    ردحذف
  6. رائعة يا سارة كما عهدتك :)

    ردحذف
    الردود
    1. فرحت كثيرا لأول تعليقاتك على مدونتي صفاء...شكرا..

      حذف